يُضيف ويل أرنيت ولورا ديرن ثقلاً عاطفياً إلى كوميديا برادلي كوبر الحميمة، عن زوجَين منفصلَين يجد أحدهما عزاءه في فنّ الكوميديا الارتجالية. يكاد اضطراب الانفصال الزوجي لا يُحَسّ في فيلم «هل هذا الشيء يعمل؟»، وهي كوميديا ودّية عن الانفصال لا تقترب كثيراً من الحافة.
مزيّتة بالامتياز ومحاطة بالدعم، يفكّ أليكس وتيس نوفاك (ويل أرنيت ولورا ديرن)، وهما من سكان ضواحي نيويورك، رباط زواج دام عقدَين بيُسر يُحسَد عليه. في أحيان كثيرة، يبدو الفيلم خفيفاً وعديم العواقب إلى حدّ أنّ الملاحظة القاسية العرضية تقطع كالموس.
لذلك، حين يسأل أليكس تيس في لحظة ما عمّا إذا كانت القصة التي تسردها لأصدقائهما تتعلّق به، فتردّ بحدّة: «لا! بشخص حيّ»، تكون الجملة خاطفة للأنفاس. لم نشهد أي شجار، ولا حدثاً مُفجِّراً لانفصال أقرب إلى «أظنّ أنّنا نفعل هذا، إذاً؟» منه إلى نوبات غضب تتخلّلها أبواب تُصفق. وإذ يضعان ابنَيهما الصغيرَين (كالفن كنيغتن وبلايك كين) نُصبَ أعيُنهما دائماً، يُعدّ آل نوفاك نموذجاً للتحضّر.
وعلى نحو شبه فوري، يستقرّ أليكس، الذي يبدو أنّ عمله في القطاع المالي لا يتطلّب أي جهد فعلي، في شقة داخل المدينة، تتسع للصبيَّين، مع سيارة فان جديدة لنقلهما. كما أنّه محظوظ بوالدَين ودودَين ومتفرّغَين بلا حدود يقومان بدور الجدَّين/جليسَي الأطفال (كريستين إيبرسول وسياران هايندز). حتى الآن، كل شيء بلا احتكاك.
لكن إذا كان «هل هذا الشيء يعمل؟» أحياناً حذِراً أكثر ممّا ينبغي، فهو أيضاً يثق بعمق بنجومه، إذ تكشف وجوههم، تحت تدقيق اللقطات القريبة القاسية لمدير التصوير ماثيو ليباتيك، عن الألم الذي يعجز الزوجان عن التعبير عنه بالكلام. على الأقل في ما بينهما: فعندما يتسلّل أليكس إلى خشبة مسرح نادٍ للكوميديا في ليلة الميكروفون المفتوح ويشعر بدفء جمهور مرحّب، قد يكون مونولوجه الاعترافي محرجاً ومتعثراً، لكنّه يفتح فيه حاجةً تدفعه إلى العودة مراراً.
فكرة الكوميديا الارتجالية كعلاج ليست جديدة، لكن «هل هذا الشيء يعمل؟»، المستوحى على نحو فضفاض من بائع بريطاني تحوّل إلى كوميدي هو جون بيشوب، لا يبالغ في تحليل نفسية الانفصال. النبرة مريحة ومنخفضة المخاطر، ومشاهد النادي تعجّ بمواهب كوميدية حقيقية، بينها إيمي سيداريس كمقدّمة، وكوميديّون ارتجاليّون مثل جوردن جنسن، كلوي رادكليف وريجي كونكويست حاضرون لإسداء النصائح لأليكس.
تسويق أرنيت، المعروف أساساً بدوره كساحر شديد الهشاشة وعدم الأمان «غوب بلوث» في المسلسل الكوميدي الطويل «آرِستِد ديفيلوبمنت»، على أنّه مبتدئ في الكوميديا هو تحدٍّ، لكنّ الممثل رائع هنا، مخدَّر المشاعر على نحو مؤثّر وتائه بشكل مقنع.
وديرن، بطبيعة الحال، إضافة ثمينة لأي فيلم، وهي تمنح تيس، لاعبة الكرة الطائرة السابقة، مسحة الشجن لأمٍّ ماكثة في المنزل لا ترثي أيام مجدها فحسب، بل تعقد العزم على تحويلها إلى مسيرة تدريبية. لطالما امتلكت ديرن القدرة على نقل تقلّبات عاطفية غير مستقرّة من دون كلمات؛ وعندما تصادف، مع موعدٍ لها (ظهور خاطف لبيتون مانينغ)، عرض أليكس، يتجمّد الفيلم ببساطة على وجهها (ذكّرني ذلك هنا باللقطة القريبة المذهلة لنيكول كيدمان في مشهد الأوبرا من درة جوناثان غلايزر لعام 2004، «بيرث»). مثل هذه اللحظات، حين تُرصَف معاً، تكشف سلكاً فولاذياً من الحزن والندم يهتز بإلحاح طوال الفيلم، مذكّراً إيانا بأنّ الصورة التي نحملها عن شريكنا قد لا تعود تمثّل مَن هو عليه حقاً.
في ثالث تجاربه الإخراجية، يأتي «هل هذا الشيء يعمل؟» لبرادلي كوبر أصغر حجماً، وأكثر تحرُّراً في التقنية، وأشدّ حميمية في رسمه من «نجم وُلد» (2018) أو «مايسترو» (2023). السيناريو (بقلم كوبر وأرنيت ومارك تشابيل) هشّ، لكنّ كوبر يُحيط نجومه بمجموعة أصدقاء نابضة بالحياة ومترفة بالقدر عينه، تضمّه هو نفسه في دور ممثل غريب الأطوار من الدرجة الثانية، والممتازة أندرا داي في دور زوجته الصابرة طويلاً.
يقرّ كوبر في الملاحظات الصحافية: «كتبتُ هذا السيناريو أسرع من أي شيء كتبته»، ويظهر ذلك في بعض رسم الشخصيات المتعجّل في الفيلم (يظهر شون هايز وسكوت آيسنوجل، وهما زوجان في الحياة الواقعية، بوصفهما مجرّد حشوات خلفية للمشهد). لكن مع طاقم بهذه الجاذبية والبراعة، لا حتى إلحاح الموسيقى التصويرية المفرط على أغنية Under Pressure لفرقة كوين وديفيد بوي يُبدِّد حسن نيتنا. هل يمكن إقناع تيس وأليكس بالاستماع إلى فريدي ميركوري ومنح الحب فرصة أخرى؟